responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 221
يَكُنْ عِلْمُهُ بِتَعَلُّمٍ. وَفِي تَعْمِيمِ قَوْلِهِ تَعَالَى: بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى مُتَعَلِّقٌ بِالْكُلِّيَّاتِ لَا بِالْجُزْئِيَّاتِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ. وَقَالُوا: عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى يَتَمَيَّزُ عَلَى عِلْمِ عِبَادِهِ بِكَوْنِهِ وَاحِدًا يَعْلَمُ بِهِ جَمِيعَ الْمَعْلُومَاتِ، وَبِأَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِهَا، وَبِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْ حَاسَّةٍ وَلَا فِكْرٍ، وَبِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ لِثُبُوتِ امْتِنَاعِ زَوَالِهِ، وَبِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَشْغَلُهُ عِلْمٌ عَنْ عِلْمٍ، وَبِأَنَّ مَعْلُومَاتِهِ تَعَالَى غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ. وَفِي قَوْلِهِمْ لَا يَشْغَلُهُ عِلْمٌ عَنْ عِلْمٍ، يُرِيدُونَ، مَعْلُومٌ عَنْ مَعْلُومٍ، لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ وَاحِدٌ وَلَا يَشْغَلُهُ تَعَلُّقُ عِلْمِ شَيْءٍ عَنْ تَعَلُّقِهِ بِشَيْءٍ آخَرَ.
وَتَضَمَّنَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي إِلَى آخِرِ قَوْلِهِ: وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ:
أَنَّ مَا ضَرَبَ بِهِ الْمَثَلَ فِي كِتَابِهِ: مِنْ مُسْتَوْقِدِ النَّارِ، وَالصَّيِّبِ، وَالذُّبَابِ، وَالْعَنْكَبُوتِ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَى ذَلِكَ، فِيهِ عَجَائِبُ مِنَ الْحِكَمِ الْخَفِيَّةِ، وَالْجَلِيَّةِ، وَبَدَائِعِ الْفَصَاحَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَمُوَافَقَةِ الْمَثَلِ لِمَا ضُرِبَ بِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَحْسُنُ فِي مثله إلا مثله، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَتْرُكُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحِكَمِ وَمَدْحُ مَنْ عَرَفَ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ، وَذَمُّ مَنْ أَنْكَرَهُ وَعَابَهُ، وَأَنَّ فِي ضَرْبِهِ هُدًى لِمَنْ آمَنَ، وَضَلَالًا لِمَنْ صَدَّ عَنْهُ، وَذَمُّ مَنْ نَقَضَ عَهْدَ اللَّهِ وَقَطَعَ مَا يَجِبُ أَنْ يُوصَلَ، وَأَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ، وَإِعْلَامُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ خُسْرَانِهِ، وَالْإِعْلَامُ أَنَّ نَاقِضِي عَهْدِهِ هُوَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى إِحْيَائِهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ، كَمَا كَانَ قَادِرًا عَلَى إِيجَادِهِمْ بَعْدَ الْعَدَمِ، وَأَنَّهُ جَامِعُهُمْ وَبَاعِثُهُمْ وَمُجَازِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ أَشَدُّ التَّخْوِيفِ وَالتَّهْدِيدِ. ثُمَّ بَعْدَ التَّخْوِيفِ ذَكَّرَهُمْ تَعَالَى بِنِعَمِهِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِمْ: مِنْ خَلْقِ الْأَرْضِ الْمُقِلَّةِ، وَالسَّمَاءِ الْمُظِلَّةِ، وَالْمَخْلُوقَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ الَّتِي يَنْتَفِعُونَ بِهَا وَيَعْتَبِرُونَ بِهَا، لِيَجْمَعَ بِذَلِكَ بَيْنَ التَّرْهِيبِ وَالتَّرْغِيبِ، وَهَذِهِ هِيَ الْمَوْعِظَةُ الَّتِي يَتَّعِظُ بِهَا ذُو الْعَقْلِ السَّلِيمِ وَالذِّهْنِ الْمُسْتَقِيمِ. ثُمَّ خَتَمَ ذَلِكَ بالفصل الْأَكْبَرِ مِنْ إِعْلَامِهِمْ بِإِحَاطَةِ عِلْمِهِ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ مِنَ الابتداء إلى الانتهاء.

[سورة البقرة (2) : الآيات 30 الى 33]
وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (31) قالُوا سُبْحانَكَ لَا عِلْمَ لَنا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست